أعضاء مجلس الأمة يناقشون نص قانون عضوي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 22 ذي الحجة عام 1439 الموافق 2 سبتمبر سنة 2018، يتعلق بقوانين المالية، المعدل والمتمم ويُصادقون عليه

عقد مجلس الأمة، صبيحة اليوم الخميس 30 نوفمبر 2023، برئاسة السيد صالح ڤوجيل، رئيس مجلس الأمة، جلسة علنية، خصصت لتقديم ومناقشة نص قانون عضوي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 22 ذي الحجة عام 1439 الموافق 2 سبتمبر سنة 2018، يتعلق بقوانين المالية، المعدل والمتمم، ومن ثَمَّ المصادقة عليه، بحضور ممثل الحكومة، السيد لعزيز فايد، وزير المالية، والسيدة بسمة عزوار، وزيرة العلاقات مع البرلمان.

في المستهل أحال السيد صالح ڤوجيل، رئيس مجلس الأمة، الكلمة إلى ممثل الحكومة، السيد لعزيز فايد، وزير المالية من أجل تقديم النص، حيث أوضح أنّه وِفْقًا لِلْقَانُون العُضْوي المُتَعَلِق بِقَوَانِين المالية، يُحَدِّد قَانُون الَمالِيَة بِالْنِسْبَة لِكُل سَنَة، لاَسِيَما طَبِيعَة ومَبْلَغ وتَخْصِيص مَوَارِد وأَعْبَاء الدَوْلة. وَيَتِم بِمُوجِب هَذَا القَانُون تَحْدِيد مَبْلَغ الاِعْتِمَادَات المالية التّي يَتِم تَخْصِيصُها سَنَوِيًا، لِكُل وِزَارَة وَلِكُل مُؤَسَسَة (هيئة) عُمُومِيَة، بِمَا في ذَلِك الهَيْئَات البَرلمانية؛ أَيْ أَنَّ قَانُون المَالِيَة هُو المَجَال الوَحِيد الذّي يَسْمَح بِفَتْح وتَخْصِيص الاِعْتِمَادَات المالية بِعُنْوَان مِيزَانِيَة الدولة.

وعليه، فَإِنَّ اِقْتِرَاح تَعْدِيل القانون العضوي المُتَعَلِق بقوانين المالية، الذّي بَادَر بِه نُوَاب المجلس الشعبي الوطني جَاءَ مِن أَجْل تَعْدِيل وتَتْمِيم بَعْضِ أَحْكَامِه، دُون المَسَاس بِهَذا المَبْدَإ والذي مِن دُونِه لا يُمْكِن تَخْصِيص اِعْتِمَادَات مالية من مِيزَانِية الدولة لِضَمَان سَيْر غُرْفَتَي البرلمان والمَحْكَمة الدُسْتُورِية.

كَمَا أَنَّه سَيَسْمَح بِإِبْقَاء هَاتَيْن المُؤَسَسَتَين ضِمن مَجال تَطْبيق القانون العضوي المُتَعَلِق بِقَوَانين المالية مع اِسْتِثْنَائِهِمَا من نَهْج الأَدَاء المُتَعَلِق بِتَنْفِيذ السِيَاسَات العمومية المَنُوط فَقَط بالوزارات والمؤسسات العمومية الأخرى. 

كما أفاد ممثل الحكومة أنّ تَعْدِيل المادة 23 سَيَسْمَح بِإِدْرَاج مَفْهُوم "التَخْصِيص الخَاص" وكَذَا تَوْضِيح أَنَّه لاَ يَتِم تَخْصِيص الاِعْتِمَادَات حَسْب البَرنامج فقط، الذي يُمَثِل القَاعِدة العَامة التّي تَمُس جميع الوزارات والمؤسسات العمومية الأخرى، بَل تُخَصَص كذلك حَسْب التَخْصِيص الخاص بِالْنِسْبَة للبرلمان و المحكمة الدستورية، وهو ما يُبَرّر من خِلال إِلْزَامِيَة تَمْيِيزِه عن مَفهوم "التخصيص" المُتَعَلق بِالِاعْتَمَادَات غَيْر المُخَصَصَة الذي يُطْلَق عَلَيه تَسْمِيَّة "التَخْصِيصَات الإِجْمَالِيَة"، المُكَرَّسَة بِمُوجِب المادة 24 من القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية.

وأضاف ممثل الحكومة أنّ التَعْدِيل المُقْتَرَح يُوَضِح أَنّ مِيزَانِيَات غُرْفَتَيْ البرلمان والمحكمة الدستورية لاَ تَخْضَع لِلْتَصْنِيف حَسْبَ النَشَاط (برنامج، برنامج فرعي، النشاط، النشاط الفرعي)، بِمَا أَنَّه سَيَتِم اِسْتِعْمَال التَخْصِيصَات الخاصة فِيهَا بَدَلاً من الاعتمادات المالية المُتَعَلِقَة أَسَاسًا بِمَحَافِظ البَرَامِج.

كما أكد ممثل الحكومة أنّ إِدْرَاج المادة 23 مُكَرَّر  سَيَسْمَح أَسَاسًا بِتَجَنُب تَعْدِيل مَوَاد أُخْرَى من القانون العضوي المُتَعَلِق بقوانين المالية، على غِرَار المادتين 33 و79، الذي أَصْبَح ضَرُورِيًا بِسَبَب تَكْرِيس مَفْهُوم "التخصيص الخاص" لِلْمُؤَسَسَتَيْن المَعْنِيَتَيْن، مِن جِهَة، و بِتَحْوِيل المَوَارد المُخَصَصَة لِغُرْفَتَي البرلمان و المحكمة الدستورية إلى حِسَابَاتِها، مِن جِهَةٍ أخرى، حَيْثُ سَيَتِم تَحْوِيل هَذِه المَوَارِد بَعْد صُدُور قانون المالية، كَمَا كَان عَلَيه الحَال قَبْل 2023. وسَيَتِم هَذَا التَحْوِيل بِقُوَّة المَرْسُوم من أَجْل السَمَاح بِصَب هَذِه التَخْصِيصَات في حِسَابات المؤسسات المعنية.

بعده، تقدم السيد مولود مبارك فلوتي، مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، لتلاوة التقرير التمهيدي الذي أعدته اللجنة، والذي خلصت فيه أن نص هذا القانون العضوي جاء من أجل استدراك السهو الذي ورد في القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 2 سبتمبر 2018، والمتعلق بقوانين المالية، المعدل والمتمم، الذي أدرج العمليات المالية للبرلمان ضمن الإجراءات المعمول بها بالنسبة لتسيير ميزانية الدولة، بالرغم من أن البرلمان بغرفتيه يتمتع بالاستقلالية المالية، الأمر الذي نصت عليه صراحةً المادة (104) من القانون العضوي رقم 16-12 المؤرخ في 25 غشت 2016، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، المعدل والمتمم.

ومن ثمة، فإن اللجنة ترى في هاته المراجعة التشريعية أنها استدراك قد جاء في محله ويتعين التنويه به.

عقب ذلك، فُسح المجال أمام السيدات والسادة أعضاء المجلس لطرح تساؤلاتهم وانشغالاتهم بخصوص هذا النص، حيث تمحورت جُل تدخلاتهم حول الإشادة بالاستقلالية المالية التي وجب تكريسها في نص هذا القانون العضوي، وكذا سياقات ومآلات الرقابة المالية القبلية والبعدية، في إطار الحوكمة الرشيدة في تدبير وتسيير الشأن المالي للدولة ومؤسساتها بما يكفل مبدإ الفصل بين السلطات ومراعاة خصوصية غرفتي البرلمان والحفاظ على المال العام.

وقد تكفل ممثل الحكومة بالرد على تساؤلات وانشغالات التي عبّر عنها أعضاء المجلس، شاكراً في ذات الوقت، أَعْضَاء البرلمان بِغُرْفَتَيْه على المبادرة باقْتِرَاح تعديل هَذَا القانون العضوي، الذّي لَقِيَ تَرْحِيبًا من قِبَل الحكومة، حيث وإِنْ دَلَّ هَذا على شَيْء فَإِنَّما يَدُّل على العَمَل المُتَناسِق والمُتَكَامِل الذّي يَقُوم به البرلمان والحكومــة والتَوَافُق بَيْنَهُما.

عقب ذلك، أوقف السيد رئيس مجلس الأمة الجلسة لمدة ساعة من أجل تمكين لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية من إعداد تقريرها التكميلي حول نص القانون العضوي، وتقديمه أمام أعضاء المجلس ليتسنى لهم تحديد الموقف منه.

هذا، واستأنف المجلس جلسته برئاسة السيد صالح ڤوجيل، حيث تلا مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، السيد مبارك مولود فلوتي، التقرير التكميلي الذي أعدّته اللجنة في الموضوع، والذي ثمّنت فيه المراجعة التي مسّت بعض أحكامه لاسيما المادة 23 منه، كونها أدخلت المزيد من الانسجام والمواءمة في تشريعنا الوطني الخاص بالتدبير والتسيير المالي لمؤسسات الدولة الدستورية على غرار غرفتي البرلمان والمحكمة الدستورية؛ فبالرغم من أن ميزانية البرلمان - إلى جـانـب مـيـزانـيـة المحكمة الدستورية - لا تنفصم عن الميزانية العامة للدولة تطبيقا الوحدة الميزانية إلا أنها تخضع لقواعد خاصة في مجال إعدادها والتصويت عليها وتنفيذها ورقابتها، كترجمة عملية لمبدإ الفصل بين السلطات والتقاليد الديمقراطية لسير السلطات العمومية الدستورية. وهذا لا يعني البتة بأن هاته القواعد تقع خارج إطار قانوني، بل هي تستمد من المبادئ الكبرى التي تحكم ميزانية ومحاسبة الدولة، وهذا بطبيعة الحال حفاظا على الأموال العمومية.

كما ثمّنت اللجنة مجمل التدابير التي أتى بها نص هذا القانون العضوي، والتي تنم عن التعاطي الإيجابي للحكومة مع المبادرة التشريعية باقتراح مراجعة بعض أحكامه، بما يجعله يواءم أحكام دستور الفاتح نوفمبر 2020 لاسيما في مجال الفصل بين السلطات ويتسق مع أحكام القانون العضوي رقم 16-12 المؤرخ في 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 غشت سنة 2016، يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، المعدل والمتمم، لاسيما في مجال تمنع المجلسين بالاستقلالية المالية، ويُراعي في ذات الوقت خصوصية غرفتي البرلمان من حيث إعدادهما والتصويت عليهما وتنفيذهما وضبط آليات المحاسبة المطبقة عليهما.

عقب ذلك، عرض السيد رئيس مجلس الأمة نص هذا القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 22 ذي الحجة عام 1439 الموافق 2 سبتمبر سنة 2018، يتعلق بقوانين المالية، المعدل والمتمم، على أعضاء المجلس لتحديد الموقف منه، حيث صادق عليه الأعضاء بإجماع الحاضرين بواقع 118 صوتًا بنعم من مجموع 62 عضوًا حاضرًا و48 توكيلاً، مع الإشارة أنّ النصاب المطلوب في هكذا عملية المصادقة على نص قانون عضوي هو 86 صوتًا (أغلبية الأعضاء).

وفي كلمة له بهذه المناسبة توجه ممثل الحكومة، السيد لعزيز فايد، وزير المالية، بتشكراته إلى أعضاء مجلس الأمة، مذكرا بأنّ التَعْدِيل المُقْتَرَح يتكفّل بانشغال أساسي لدى أعضاء البرلمان يتعلّق بتحضير وإعداد ميزانية غرفتي البرلمان وكيفية الحصول على الاعتمادات المالية المُخصّصة لهما في إطار قانون المالية.

وبدوره، اعتبر مقرر اللجنة، السيد مبارك مولود فلوتي، في كلمة له باسم لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، هذه المراجعة بمثابة مكسب لغرفتي البرلمان بما يُكرس الفصل بين السلطات ويُراعي الخصوصية التي تميز البرلمان بغرفتيه وكذا المحكمة الدستورية، وأشاد بالتعاطي الإيجابي للحكومة مع هذه المبادرة التشريعية لتعديل بعض أحكام هذا النص الهام.

Peut être une image de 2 personnes et texte

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte