مداخلة السيد عمر دادي عدون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية بالخارج، في المؤتمر الدولي حول الهجرة
20-21 جوان 2022 / اسطنبول (جمهورية تركيا)
السيد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي،
السيد رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى،
السيدات والسادة أعضاء البرلمانات والمجالس النيابية،
السيدات والسادة الحضور،
السلام عليكم
يشرفني أن أشارك في هذا المؤتمر الدولي الهام.. ويسعدني وأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة الجزائري، أن نساهم في إيجاد الحلول المناسبة والمقاربات الفعالة لقضية الهجرة، والتي تتخذ أبعادا خطيرة تتجاوز الجانب الأمني إلى جوانب اجتماعية وثقافية واقتصادية.. إذ تتفاقم تداعياتها وتتزايد أعباءها وتعقيداتها على الأفراد والدول، لاسيما مع التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم.
اسمحوا لي بداية أن أعبر، أصالة عن نفسي ونيابة عن أعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة الجزائري، عن جزيل الشكر وخالص الامتنان للاتحاد البرلماني الدولي والجمعية الوطنية التركية الكبرى، على تنظيم هذا المؤتمر.. كما أود أن أنقل تحيات السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الجزائري إلى جميع رؤساء وأعضاء المجالس النيابية، وبالخصوص إلى رئاسة وأعضاء برلمان جمهورية تركيا الصديقة، متمنيا لهم مزيدا من التقدم والازدهار..
إن مسألة الهجرة والمهاجرين تتطلب منا جميعا تكثيف الجهود ومضاعفة التنسيق من أجل تنفيذ سياسات فعالة وفق مناهج حقيقية لا تتعلق فقط بالحماية والإدماج وإعادة التوطين، بل بالقضاء جذريا على مسببات الهجرة بكافة أنواعها، على غرار الفقر والبطالة النزاعات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان... وكذا الإرهاب والتطرف العنيف وانتشار الجريمة المنظمة... بالإضافة إلى التأثيرات السلبية للتغير المناخي على نوعية الحياة وإمكانيات العيش...
لقد التزمت الجزائر بقضية الهجرة التزاما قانونيا وإنسانيا، وأولتها أهمية قصوى، وقد صادقت بكل مسؤولية على المعاهدات والاتفاقات ذات الصلة، والتي تحترم مقاربتها الشاملة والمتوازنة والتضامنية، وفق منظور كلي يشمل حقوق الإنسان والتنمية والشغل والسلم والأمن والتغيرات المناخية، وتدرج مصالح بلدان المصدر وبلدان العبور وبلد الوجهة بشكل متوازن... كما انضمت إلى عدة آليات قانونية إقليمية ودولية تتصل بحقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر وحماية العمال المهاجرين... انطلاقا من إيماننا أن الهجرة قضية متشابكة تلتقط في طريق حلها كل التحديات المتجددة التي يواجهها العالم...
لقد استقبلت الجزائر آلاف المهاجرين، ووفرت لهم سبل الإدماج وحدا مقبولا من العيش الكريم رغم التكلفة المادية غير الهينة، والتزمت باحترام كرامة وحقوق المهاجرين المتواجدين على أراضيها، بالموازاة مع اتخاذ التدابير القانونية والعملياتية اللازمة لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية... إذ أن واجب التضامن لا يمنع الاعتراف بالعبء الكبير الواقع على الدول الإفريقية ومنها الجزائر لمواجهة هذه الظاهرة في غياب تقاسم المسؤولية الدولية... كما أن واجب التضامن لا يلغي ضرورة الحذر من أي استغلال لهذه الظاهرة من أجل خرق قوانين الدولة المستقبلة أو تهديد أمنها، لاسيما مع ارتباط الهجرة باللاأمن المترتب عن النزاعات والعنف والإرهاب والجريمة المنظمة...
في هذا السياق، نجدد التذكير بمقاربة الجزائر حول السلم والمصالحة، بوصفها مقاربة استراتيجية دولية لمحاربة الراديكالية والتطرف في العالم، في إطار سلمي يتجاوز النمط الراديكالي لحل النزاعات، ويسعى إلى إعادة بناء انسجام مجتمعي يشكل هو بحد ذاته دِرعاً واقياً ضد تجدد الصراع في المستقبل.
لقد دعت الجزائر دوما إلى تجسيد مبادئ فاعلة لمعالجة مسببات الهجرة، ومنها حلحلة النزاعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية ودعم حق الشعوب في تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، انطلاقا من مبادئها التاريخية التي رسمتها ثورة نوفمبر المجيدة واعتمادا على أسس السياسة الخارجية الجزائرية المرتكزة على احترام السيادة الوطنية وتبني الخيار السلمي في معالجة النزاعات، وتكريس سياسة السلم والمصالحة الوطنية، وتعزيز الديمقراطية وتحقيق الأهداف الكبرى للتنمية المستدامة...
وفي هذا الإطار، اجدد التأكيد على أن النهج التنموي يشكل أولوية وطنية في الجزائر الجديدة التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، باعتبار أن التنمية المستدامة المتوازنة تُوَفر الكثير من الحلول لعدد من المعضلات بما فيها مسألة الهجرة، وتساهم في بناء الاستقرار وتقوية السلم واستتباب الأمن اقليميًا ودوليا.... بالإضافة إلى تمكين الشباب وإشراكهم في الحياة السياسية والاقتصادية وفي صناعة القرار والتغيير والإصلاح...
شكرا لكم