كلمة
السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الموجهة إلى المؤتمر الـ 33 الطارئ للاتحاد البرلماني العربي "المسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية أولويتنا الأولى"
(ألقاها السيد ساعد عروس، رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي، رئيس الوفد البرلماني الجزائري)
القاهرة (مصر)، السبت 21 مايو 2022
بسم الله الرحمان الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أخواتي إخواني رؤساء وأعضاء البرلمانات العربية الشقيقة،
إن اجتماعنا اليوم لبحث الأوضاع في القدس المحتلة، دليل جديد على استمراريتنا في اعتبار فلسطين القضية المركزية للأمة العربية... وإن استماتتنا في نصرتها يبقيها هاجسا لكافة وحدات المجتمع الدولي التي تؤمن بقيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان، وتنبذ الاستعمار والعنصرية والإرهاب.
موضوع المؤتمر هو "المسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية أولويتنا الأولى"... إنها الحقيقة التي تؤرق الاحتلال الإسرائيلي، لذلك يسعى بكل بطشه ووحشيته، وبكل مناوراته وتلاعبه بالتاريخ وبالشرعية وبالقيم الإنسانية ومبادئ القانون الدولي، مشفوعا بقوانين عنصرية، إلى طمس الهوية الحقة لمدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، من خلال تقييد حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، وتشديد الخناق على المقدسيين الصامدين من أجل دفعهم إلى الهجرة عن مدينتهم والتخلي عن أملاكهم، استكمالا لسياسات الاحتلال الرامية إلى تهويد القدس...
إن الانتهاكات والاعتداءات المتكررة لقوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القدس تضع المجتمع الدولي مجددا أمام مسؤولياته، وتضع على المحك قدرته على توفير الحماية للشعوب وعلى فرض قوانين الشرعية الدولية على الجميع... فطمس معالم المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هو استراتيجية إسرائيلية مكشوفة، تسعى من خلالها قوى الاحتلال إلى استغلال هذه القداسة في تزييف التاريخ ودعم أطروحاتها الأسطورية الكاذبة...
وفي هذا السياق، أذكر بما قاله السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، في رسالته التي وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة إثر الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى، بأن "هذه التطورات الخطيرة التي تأتي في سياق دولي متوتر، تزيد من حدة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتعطل أكثر فأكثر الوصول إلى حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية"...
إن الأوضاع المأساوية التي يشهدها الشعب الفلسطيني في فلسطين وفي كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، تدعو أكثر من أي وقت مضى إلى توحيد الصف الفلسطيني والتعجيل في استكمال تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، والتي تعد عاملا جوهريا لنجاح الثورات التحررية والقضايا العادلة في العالم... ولنا في ثورة نوفمبر الخالدة أسوة... فثورة الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي رسمت معالم النصر بتوحيد الصفوف، وجمع الشعب الجزائري بكل انتماءاته تحت راية واحدة تنشد الاستقلال والحرية، من أجل تركيز الجهود وتفويت فرص الفتن والشقاق التي تقتات عليها كل قوى الاحتلال في العالم...
لقد حان الوقت لتوحيد الصف العربي أيضا، وتفادي القرارات الانفرادية التي تؤثر على قوة ومصداقية وتأثير الموقف العربي، وتزيد في إرباك وتذبذب الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية عموما، وقضية القدس والمسجد الأقصى خصوصا باعتبارها أبرز نقاط الملف الفلسطيني...
وفي هذا السياق، نجدد التذكير بإنسانية القضية الفلسطينية، فهي ليست صراعا طائفيا أو مأزقا عربيا، بل قضية تصفية استعمار تخص كل المجتمع الدولي، يسعى الكيان الصهيوني من خلالها إلى اغتصاب أرض حرة وتفكيك المنطقة جغرافيا وهوياتيا، وتداعيات ذلك تؤثر على الأمن والسلام والاستقرار في العالم أجمع، والتخاذل تجاهها يدفع ثمنه الجميع...
إننا في الجزائر متمسكون بالدعم اللامشروط للشعب الفلسطيني حتى تحقيق دولته المستقلة وعاصمتها القدس... طبقا لقرارات مجلس الأمن ومبادرة بيروت العربية للسلام، ومرجعيات السلام... نفتخر بهذا الدعم الذي رافقنا في كل مراحلنا التاريخية، بدءا من زمن "أبو مدين الغوث" الذي شارك في معركة حطين لتحرير القدس وترك يده مدفونة هناك، ثم الدعم المادي والمعنوي الذي قدمه رواد الحركة الوطنية قبل وإبان ثورة نوفمبر المظفرة، والذين كانوا أول من نبه إلى الخطر الصهيوني الممتد والقائم على مزاعم عنصرية، وصولا إلى المساندة الكاملة للجزائر المستقلة لكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي تسكن وجدان الجزائريات والجزائريين... تتجدد اليوم في الجزائر الجديدة، من خلال تأكيد العهد الذي قطعه السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، لدعم القضية الفلسطينية، ودعوته الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في رسالته مؤخرا إلى الأمين العام لهذه المنظمة، إلى "وقف الاعتداءات الإسرائيلية على حرمة المسجد الأقصى وحماية الفلسطينيين من القمع، واعتبار "ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلية من اعتداءات ضد حرمة المسجد الأقصى، وعنف ضد جموع المصلين العزل، يعيد إلى الأذهان مجددا الخروقات والانزلاقات الممنهجة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية".
شكرا لكم والسلام عليكم