شارك وفد برلماني عن مجلس الأمة، ضمن وفد مشترك فيما بين غرفتي البرلمان برئاسة السيد بن لكحل فيطس، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني،في المؤتمر العالمي الخامس لرؤساء البرلمانات، والذي نظمه الاتحاد البرلماني الدولي بشراكة مع البرلمان النمساوي وبتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، وذلك  يومي 07 و08 سبتمبر 2021  بفيينا (النمسا).

يعد هذا المؤتمر أكبر تجمع لأعلى مستويات التمثيل البرلماني في العالم، يُعقد كل خمس سنوات بهدف تعزيز البُعد البرلماني للحوكمة العالمية، وقد سبق تنظيم جلسة افتراضية لنسخته الخامسة في أوت 2020.

انعقد المؤتمر تحت شعار "القيادة البرلمانية من أجل تعددية أكثر فاعلية تحقق السلام والتنمية المستدامة للشعوب ولكوكب الأرض"، وركز المشاركون فيه على الأولويات التي تتطلب اتخاذ إجراءات برلمانية دولية عاجلة، بما في ذلك الاستجابة العالمية لجائحة فيروس كورونا والتعافي بعدها، وحالة الطوارئ المناخية، ومكافحة المعلومات المضللة، ومشاركة الشباب في الحياة السياسية، والمساواة بين الجنسين.

نظمت أشغال المؤتمر عبر خمس حلقات نقاش للتطرق للمواضيع التالية:

  1. نحو ميثاق عالمي جديد للمساواة بين الرجال والنساء.

  2. التخفيف من تأثير جائحة كوفيد-19 على الديمقراطية.

  3. التعافي بعد الجائحة: تحويل الاقتصاد لمكافحة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة

  4. انفتاح البرلمانات وشفافيتها وإمكانية الوصول إليها مقابل الأمن: كيف يمكن تحقيق التوازن؟

  5. البرلمانات والحوكمة العالمية: جدول الأعمال غير المنجز.

وقد كان لوفد مجلس الأمة مشاركة فاعلة، أبان فيها عن مواقف الجزائر ومقارباتها  حول مختلف المواضيع المطروحة، إذ  كان للسيد أحمد خرشي، عضو مجلس الأمة، عضو مكتب اللجنة الدائمة للسلم والأمن الدولي بالاتحاد البرلماني الدولي، مداخلة خلال حلقة النقاش الثالثة، أبلغ فيها الحضور تحيات السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة، ودعمه لجهود الاتحاد البرلماني الدولي من أجل الخروج من الوضع العالمي الاستثنائي الذي خلفه وباء كوفيد 19. وقد أكد في خطابه ان مرحلة ما بعد الجائحة ستعيد بناء التوازنات التي إختلت، وإعادة إطلاق عملية التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، وأن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تمثل خطوة مهمة نحو الأمام، موضحا في هذا السياق أن الجزائر مثل غالبية الدول الإفريقية لا تتحمل أي مسؤولية تاريخية عن الاحتباس الحراري وزيادة معدل إنبعاث الغازات المترتبة عنه.

وفي إطار مناقشة القضايا والتحديات المتعلقة بالسلم والأمن ، عرض عضو مجلس الأمة مقاربة الجزائر التي تربط التنمية المستدامة بالاستقرار والقضاء على الإرهاب بتجفيف منابعه، مستعرضا بأسف استمرار عرقلة عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع المضطرب جراء الأزمة الليبية و المعقد بسبب استمرار الاحتلال  في الصحراء الغربية ، داعيا إلى مواصلة جهود بناء السلم في إطار احترام الشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير المصير والحوار بين الشركاء بعيدًا عن أي منطق تدخلي أو أَبَوي.

من جهته، تطرق السيد حميد بوزكري، عضو مجلس الأمة، عضو المجموعة الوطنية للبرلمان الجزائري لدى الاتحاد البرلماني الدولي، خلال مناقشات الحلقة الثانية من سلسلة جدول أعمال المؤتمر، إلى التدابير الوقائية التي فرضتها الجزائر في إطار حالة طوارئ صحية لا تنافي الدستور ، وإجراءاتها متضمنة في صلب صلاحيات السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، مؤكدا أن التضييق على بعض الحريات في مثل هذه الظروف يتطلب تفهما أبان عنه الجزائريون بروح مواطنة عالية، لاسيما مع التوضيحات التي التزمت الحكومة بتقديمها للمواطنين عبر تعبئة إعلامية وصحية شاملة من أجل إشراكهم في تقدير نسبة الضرورة، موضحا أن انتشار وباء بهذه الخطورة يتطلب مرونة أكبر واعتماد  منظور أشمل بعيدا عن أي صراع جامد بين السلطات، و أن على البرلمانات الوطنية تفعيل آلياتها لخلق توازن بين الحريات المكفولة للمواطن وبين واجب السلطة التنفيذية  نحو تحقيق الحماية.

وخلال مناقشات الحلقة الأولى من جدول أعمال المؤتمر،أكدت السيدة فوزية بن باديس، عضو مجلس الأمة، عضو اللجنة المعنية بقضايا الشرق الأوسط بالاتحاد البرلماني الدولي، على أهمية تمكين المرأة وتعزيز مكانتها في الحياة السياسية، وعلى ضرورة تحيين آليات هذا التمكين من خلال تجديد سبل  الدعم وتوسيع الحقوق وتحقيق  المساواة بين الجنسين.. وفي هذا السياق، استعرضت ممثلة مجلس الأمة تجربة الجزائر الرائدة في هذا المجال، وتسخيرها للتشريعات الوطنية من أجل توسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية والتنمية الاجتماعية و الاقتصادية، مؤكدة أن المساواة بين الجنسين مسار حضاري لا يجب أن يتوقف تحت أي ظرف. 

وقد كانت لمجلس الأمة عدة لقاءات على هامش المؤتمر، منها لقاء مع الوفد البرلماني العراقي الشقيق، تباحث فيه أعضاء الوفدين وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز أواصر الأخوة والتنسيق والتعاون بين البرلمانين عبر آليات الدبلوماسية البرلمانية.

 

مقتطفات من الكلمة التي ألقاها السيد أحمد خرشي عضو مجلس الأمة،

عضو الإتحاد البرلماني الدولي، في أشغال المؤتمر العالمي الخامس لرؤساء البرلمانات.

 

مداخلة السيد أحمد خرشي، عضو مجلس الأمة

عضو مكتب اللجنة الدائمة للسلم والأمن الدولي بالاتحاد البرلماني الدولي

 بمناسبة المؤتمر الخامس لرؤساء البرلمانات

"جلسة نقاش رقم 3 "

____

فيينا/ 07 سبتمبر 2021

بسم الله الرحمن الرحيم

أود بداية، بإسمي الشخصي وباسم معالي رئيس مجلس الأمة السيد صالح قوجيل، أن أجدد لكم كل سرورنا بالمشاركة، متمنيا التوفيق لعمل هذا المؤتمر وكل ورشاته.

أيتها السيدات، أيها السادة،

نجتمع اليوم في جلسة النقاش هذه، والموسوم موضوعها "الانتعاش بعد الوباء: تحويل الاقتصاد لمكافحة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة".

في هذا السياق، جدير بنا القول أن الوضع العالمي الاستثنائي الذي خلفه وباء كوفيد 19، قد فرض نفسه ليس فقط كتهديد عالمي للصحة ولكن أيضًا كنموذج جديد أعاد تشكيل المشهد العالمي بالكامل، ومن هنا جاءت الحاجة الملحة للتكيف معه معًا.

من هذا المنطلق، بات مؤكدا ان مرحلة ما بعد الجائحة ستعيد بناء التوازنات العديدة التي إختلت جراء جائحة كوفيد 19 ومن ثمة إعادة إطلاق عملية التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم.

من جانب اخر، يجب أن نتذكر أيضًا مشكلة تغير المناخ التي هي في تصاعد مستمر، نتيجة تأثير الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري، وأساليب الإنتاج الزراعي المنتهجة إضافة إلى إزالة الغابات الذي أضحى كل عام أكثر كثافة.

لذلك نقول، أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تُمَثل خطوة مهمة نحو الأمام، لا سيما من خلال وضع إطار عام للسنوات القادمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وفي هذا السياق، من الضروري التذكير بأن بلدي، مثل غالبية البلدان النامية الأفريقية، ينكر أي مسؤولية تاريخية عن الاحتباس الحراري وزيادة معدل إنبعاث الغازات المترتبة عنه.

زيادة على ذلك، يبقى العالم بحاجة إلى المزيد من التضامن والتشاور والتعاون لمواجهة كل هذه التحديات الكبرى معًا.

أيتها السيدات، أيها السادة،

يعد هذا الاجتماع فرصة لمناقشة القضايا والتحديات المشتركة والمتعلقة بالتنمية المستدامة وكذلك ما يتصل بالأمن والسلم.

من هنا نقول، يكمن التحدي الرئيسي المُقتَرَن بهذه المعادلة في الحاجة الملحة لتأسيس ثقافة قوية لمنع النزاعات في جميع أنحاء العالم.

وفي هذا الإطار، تَعتَبر الجزائر أن التنمية المستدامة تسير جنباً إلى جنب مع الاستقرار، الأمر الذي يتطلب تفعيل مقاربة ثلاثية الأبعاد تجمع بين الأمن والتنمية والبعد الإنساني.

فالوضع العالمي الراهن يبين بوضوح أن الاستقرار والأمن الدوليان مهددان بسبب استمرار عرقلة عملية السلام في الشرق الأوسط.

كما لا يزال يُنظر إلى شمال إفريقيا على أنها فضاء تَعبُرُهُ
 الاضطرابات القوية المرتبطة بالأزمة الليبية والوضع المعقد في الصحراء الغربية المحتلة.

يُضاَفُ إلى ذلك أيضا الوضع المقلق الذي يُمَيز منطقة الساحل والصحراء، بسبب استمرار التهديدات المنية المعقدة كالإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.

علاوة على ذلك، تتطلب مكافحة الإرهاب تعاون وتنسيق واسع النطاق، كما يجب أن تأخذ في الاعتبار تجفيف موارده التمويلية، ولا سيما دفع الفدية للإفراج عن الرهائن، باعتبارها ممارسات سيئة يمكن بسهولة ملاحظة انعكاساتها على استقرار وتنمية المناطق التي تعاني منها.

أيتها السيدات، أيها السادة،

تأسيسا على كل ما سبق، تدعو الجزائر دوما الى أولوية الحوار والوسائل السياسية على استخدام القوة لحل النزاعات، الأمر الذي سيساعد على تعزيز السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

ومن المهم أيضًا مواصلة جهود بناء السلم ومكافحة التهديدات مع احترام الشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير المصير والحوار بين الشركاء بعيدًا عن أي منطق تدخلي أو أَبَوي.

ومما لا شك فيه أيضا، أن تكريس أكثر تضامن والقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري و الإسلاموفوبيا والمعاداة للأجانب، سيساهم لا محال بشكل فعال في إيجاد حلول لمشاكلنا المشتركة.

سأختتم هذه المداخلة بالقول إنه من خلال إزالة الاختلالات التنموية القائمة في العالم يمكننا تحقيق حوار بنّاء ومتبادل المنفعة بين الشمال والجنوب.

 

 

مقتطفات من الكلمة التي ألقاها السيد حميد بوزكري عضو مجلس الأمة،

عضو الإتحاد البرلماني الدولي، في أشغال المؤتمر العالمي الخامس لرؤساء البرلمانات.

مداخلة السيد حميد بوزكري

عضو مجلس الأمة، عضو المجموعة الوطنية للبرلمان الجزائري لدى الاتحاد البرلماني الدولي

بمناسبة المؤتمر الخامس لرؤساء البرلمانات

"جلسة نقاش رقم 02 "

فيينا (النمسا)، 07-08 سبتمبر 2021

مسرور بتواجدي في هذا التجمع البرلماني الدولي الهام، والذي نحاول من خلاله التنسيق والتعاون من أجل مواجهة التحديات التي تزداد حدة في عالمنا اليوم.. اسمحوا لي أيضا أن أبلغ الحضور الكريم في هذه الجلسة الثانية من أشغالنا  تحيات السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الجزائري، وتمنياته بالنجاح لأشغال هذا المؤتمر..

إن التدابير الوقائية التي فرضها انتشار وباء فتاك يهدد البشرية بالفناء، تتطلب تضييقا لا مفر منه لبعض الحقوق الأساسية للمواطنين، من أجل تحقيق هدف أسمى تهون أمامه باقي الحقوق، وهو ما قامت به الجزائر في إطار حالة طوارئ صحية غير منصوص عليها في الدستور غير أنها لا تنافيه، وإجراءاتها تتضمنها صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يضطلع بالحماية .

إن غياب إطار قانوني لا يؤثر على مشروعية ومصداقية التقييد المؤقت للحريات، فالتضييق هنا لمصلحة عليا يصبح مقبولا بقدر تفهم المواطن لما يحققه من مصلحة جوهرية، وهو ما أبان عنه الجزائريون من خلال إذعانهم بروح مواطنة عالية  للتدابير الصارمة  التي فرضتها ضرورة ظرفية استثنائية. 

 يقع على الحكومات تطمين المواطن بشأن ظرفية الإجراءات وذلك  من خلال اعتماد الشفافية في التواصل وتقديم المعلومات اللازمة مما يساهم في إشراكه في تقدير نسبة الضرورة للتمديد أو الإنهاء. وهذا ما اعتمدته الجزائر من خلال تعبئة إعلامية وصحية مناسبة.  

لا شك أن على البرلمان مراقبة اي تحوير او استغلال لأي ظرف استثنائي ، زيادة على ضمان الدستور لحق الحماية القضائية للحريات .. في المقابل، انتشار وباء بهذه الخطورة يتطلب مرونة اكبر و منظورا أشمل، و كثيرا من التفهم بعيدا عن أي صراع جامد بين السلطات، من أجل تجاوز هذه المرحلة بأقل الأضرار .

إن تحور فيروس كورونا وتخبط الراهن الصحي العالمي بين مختلف الفيروسات المستجدة يجعل من الصعب تقدير مدى ظرفية حالة الطوارئ الصحية، ويعيق الاستشراف على المدى القريب والمتوسط لنهاية هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الإنسانية..  وعليه، يجدر بالبرلمانات تفعيل آلياتها لخلق توازن بين الحريات المكفولة للمواطن وبين واجب السلطة التنفيذية نحو تحقيق الحماية... هذا التوازن هو التحدي الجديد الذي يواجه البرلمانات الوطنية في ظل ظرف عالمي غاية في الصعوبة.

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte