شارك السيد عبد الكريم قريشي، عضو مجلس الأمة، وعضو البرلمان العربي، مُمَثِلاً للبرلمان العربي في اجتماع حول دعم وحماية حقوق ضحايا الإرهاب، المنظم من طرف الاتحاد البرلماني الدولي بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وذلك اليوم الثلاثاء 19 يناير 2021، عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد.

ويعتبر هذا الاجتماع السادس ضمن سلسة اجتماعات تهدف إلى استعراض تجارب المشاركين وعملهم على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وعرض التحديات المتعلقة بمساعدة ودعم ضحايا الإرهاب، واقتراح الحلول المناسبة لها، وتقديم اقتراحات ملموسة لتطوير أحكام تشريعية نموذجية تتعلق بمساعدة الضحايا ودعمهم، بما في ذلك إعادة التأهيل.

جدير بالذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 72/165 (2017)، قد حددت يوم 21 أوت من كل سنة باعتباره اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب والناجين منه، من أجل تكريمهم ودعمهم وتعزيز وحماية تمتع جميع ضحايا الإرهاب بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

كما تُحْيِـي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في 22 أبريل من كل عام، اليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية في المنطقة العربية.

 

مداخلة الدكتور عبد الكريم قريشي

عضو البرلمان العربي، وعضو مجلس الأمة الجزائرى

 

 السيدات والسادة الحضور:

أود في بداية حديثي أن أتقدم باسمي ونيابة عن البرلمان العربي إلى كل من الاتحاد البرلماني الدولي ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بخالص الشكر والتقدير على مبادرتهم بتنظيم سلسلة اللقاءات حول موضوع دعم وحماية حقوق واحتياجات ضحايا الإرهاب، وأود التأكيد على مشاطرة البرلمان العربي كل من الاتحاد البرلماني الدولى ومكاتب الأمم المتحدة المعنية في السعي للتوصل إلى تشريع عادل ومناسب للمساهمة في تقديم تعويض لضحايا الإرهاب، وموضوع لقاء اليوم الذى يبحث التجارب المختلفة لدور المنظمات والجمعيات غير الحكومية في العمل مع ضحايا الإرهاب. وأرجو التفضل بالإحاطة أنه بالفعل يعمل البرلمان العربي حالياً من خلال لجنته للشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان على هذا التشريع الاسترشادي في العالم العربي.

الحضور الكريم:

تعد بعض دول المنطقة العربية إحدى الساحات الرئيسة لوقوع العمليات الإرهابية الجبانة، ومازال ضحايا الإرهاب يكافحون من أجل إسماع أصواتهم، ودعم احتياجاتهم، وتأييد حقوقهم، لا سيما أنه يتولد شعور لديهم بأنهم "مُهمَلون" أو "منسيون" بمجرد تلاشي التداعيات الفورية للعمليات الإرهابية. لذا تتعدد آليات تعامل الدول العربية مع ضحايا العمليات الإرهابية، على نحو ما عكسته الممارسات العملية، وهو ما برز في مسارات متنوعة، دوليًا وإقليميًا ومحليًا، منها تأسيس مجموعة أصدقاء "ضحايا الإرهاب" بالأمم المتحدة، ومناقشة منظمات حقوقية تعويضات ضحايا الإرهاب المدعوم من بعض الأطراف الإقليمية، وتعزيز دور البرلمانات الوطنية في إسماع أصوات الضحايا والناجين من العمليات الإرهابية، واستحداث لجان إسناد التعويضات المالية لضحايا الإرهاب، وإنشاء شبكات لمنظمات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات المعنية بضحايا الإرهاب. 

وأنه على الرغم من أن كيفية تحقيق التوازن بين حق الدولة السيادي في مواجهة خطر الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومبادئ سيادة القانون إبان إجراءات مكافحة الإرهاب من أهم الموضوعات المثارة بين الفقه الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، إلا أن مسألة حماية ومساعدة ضحايا الإرهاب، لا تثير مشكلات سوى تلك المتعلقة بتحديد الضحايا وبالإمكانات والآليات المتاحة لجبر أضرارهم، وانعكس الاهتمام الدولي لضحايا الإرهاب بالمحورين الأول والرابع من استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، حيث أعتبر المحور الأول أن تجريد ضحايا الإرهاب، بجميع أشكاله ومظاهره، من إنسانيتهم، يُعد من بين الظروف المؤدية للإرهاب، كما ركز المحور الرابع على الموضوعات المتعلقة بحماية حقوق ضحايا الأعمال الإرهابية. 

الحضور الكريم:

وإدراكاً من البرلمان العربي لأهمية موضوع دعم وتعويض ضحايا الإرهاب، فقد أولى البرلمان العربي أهمية كبيرة لهذا الموضوع، وأكد في الوثيقة الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف التي اعتمدها بتاريخ 10 فبراير 2018م، على مجموعة من التوصيات في هذا الشأن، منها ضرورة سن تشريعات على المستويين العربي والوطني تكفل رعاية ودعم ضحايا العمليات الإرهابية، وإنشاء صناديق عربية وطنية لحماية ودعم ضحايا الإرهاب ووضع آليات فعَّالة لتنظيم عملها.

وتحيي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في 22 إبريل من كل عام، اليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية في المنطقة العربية، وذلك في إطار الاهتمام البالغ الذي توليه منظومة العمل العربي المشترك لدحر التنظيمات الإرهابية، وحرصًا منها على الإسهام في التوعية بمآسي وآلام المتضررين من الجرائم الإرهابية في المنطقة العربية وحجم المعاناة الذي يلحقها الإرهاب بالعائلات والأسر البريئة. ويدعم البرلمان العربي المطالبات بإنشاء صندوق عربي لتعويض ضحايا العمليات الإرهابية.

السيدات والسادة الحضور،،

ومن الجدير بالذكر أنه في خضم الكم الهائل من القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة سواء من الجمعية العامة أو مجلس الأمن في موضوع مكافحة الإرهاب، فإنه لم تشر إلى موضوع تعويض الضحايا إلا في القليل منها، ومن المهم أن نشير أن القواعد الدولية المتعلقة بحماية ومساعدة الضحايا تتفرق بصفة عامة بين المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، ومنظومة القانون الإنساني الدولي، والمتتبع للوثائق الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة حتى عهد قريب، سوف يلاحظ أنه كان لا يتم تصنيف ضحايا الإرهاب كفئة مستقلة من الضحايا، بل يتم إدراجهم تحت فئات ضحايا الجريمة بصفة عامة، رغم أن جرائم الإرهاب تتسم بخطورة نتائجها وكثرة ضحاياها. وبدأ التنبه مؤخراً إلى خصوصية حالة ضحايا الإرهاب، وأفردت لهم استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب اهتماماً خاصاً، بما يضمن حمايتهم ووضع سبل الإنصاف وجبر الضرر لهم. 

وأوكد على بعض النقاط محل الاهتمام من قبل البرلمان العربي، وهي:

  • هناك حاجة ماسة للتشديد على أهمية تشجيع التضامن الدولي لدعم ضحايا الإرهاب، وتوفير الضمانات لأن تتم معاملة ضحايا الإرهاب بكرامة واحترام، وفقاً لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب،

  • يجب أن نرفع أصوات الشعوب التي تطالب باستمرار بمحاسبة الإرهابيين ومموليهم والمحرضين على الإرهاب والجرائم الإرهابية ومن يوفر منصات لهم، وإعلان نتائج ذلك.

  • يجب بموازاة ذلك أن نضمن احترام حقوق الإنسان للضحايا، ونقدم لهم كل الدعم الذي يحتاجون إليه لكي يكونوا قادرين على مواجهة التحديات والمعاناة والآلام.

السيدات والسادة الحضور،،

بالنظر إلى أن اجتماعنا اليوم يهدف إلى تحديد الأدوار والتجارب الناجعة في تفعيل دور المنظمات والجمعيات غير الحكومية العاملة في مجال تعويض ضحايا الإرهاب، فمن المهم أن نتفق في البداية على مجموعة من المباديء العامة التي يمكن أن تمثل إطاراً عاماً لنقاشنا حول هذا الأمر، ومنها:

أولاً: يجب أن يشمل تعويض ضحايا الإرهاب كل شخص طبيعي أو معنوي أصابه ضرر جراء الجرائم الإرهابية أو مكافحتها، مع ضرورة تحديد جسامة هذا الضرر وأسس التعويض عنه وكيفية المطالبة به.

ثانياً: بالنظر إلى أن الضرر الذي يلحق بضحايا الإرهاب ليس ضرراً مادياً أو جسدياً فقط وإنما يشمل كافة أوجه الحياة بمفهومها الشامل، فيجب أن يشمل التعويض المقدم لهؤلاء الضحايا كافة أشكال الدعم والرعاية في النواحي: القانونية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية والتعليمية والثقافية وغيرها.

ثالثاً: بالتوازي مع بحث أفضل سبل دعم ضحايا الإرهاب وتعويضهم، هناك حاجة إلى زيادة الوعي العالمي بأهمية هذه القضية لمساعدة ومؤازرة هؤلاء الضحايا وذويهم، وتوجيه انتباه الرأي العام العالمي إلى حجم المعاناة الذي يلحقها الإرهاب بالعائلات والأسر البريئة.

خلاصة القول، إن التعامل مع حقوق ضحايا الإرهاب يمثل أحد المسارات الرئيسة للدول العربية في مواجهتها لخطر الإرهاب العابر للحدود، والذي يتوازى مع مسارين آخرين هما التعامل مع العناصر والجماعات والتنظيمات الإرهابية بالجملة وليست بالتجزئة، وكذلك تبني سياسات تحصين المجتمعات من خلال مكافحة التطرف "من المنبع".

أشكركم على حسن الاستماع

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte