ألقى اليوم، السيد عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة بمناسة التصويت على نص قانون المالية 2019 هذا نصها الكامل:

سيداتي سادتي،
أودُّ في ختام جلستنا هذه التي تُوِّجَت بالمصادقة على قانون المالية لسنة 2019 أن أتوجّه بالشكر إلى السيد وزير المالية على تشريفه هيئتنا وتقديمه مشروع القانون موضوع الدراسة وردوده الصريحة على مختلف تساؤلات وانشغالات أعضاء مجلس الأمة.
الشكرُ مقرونٌ بالتهنئة للسيد الوزير ولقطاع المالية بعد مصادقة أعضاء مجلس الأمة واستكمال مسار هذا القانون الإجرائي بغرفتي البرلمان.
الشكرُ موصولٌ إلى لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، مكتبًا وأعضاءً، على إعدادها للتقرير التمهيدي الذي سلط مزيدًا من الضوء على مختلف أحكام مشروع القانون المذكور... بشأن الإجراءات والتدابير التي أتى بها، وكذلك تقريرها التكميلي الذي ضَمَّنَتْهُ جُملةً من التوصيات الهامة التي نأمل من الحكومة عمومًا ومن قطاع المالية خصوصًا... الأخذ بها لدى وضع النصوص التنظيمية لمحتوى هذا القانون حيز التنفيذ...
كما لا يفوتني أن أتوجّه بالشكر خاصة إلى الزميلات والزملاء، أعضاء المجلس، وكذا رؤساء المجموعات البرلمانية الذين أَثْرُوا بتدخلاتهم نقاش القاعة.
فعلاً مثلما كان مُتَوَقَّعًا، فقد أبانت تلك المداخلات عن المستوى الجيد الذي ميّز نقاشات الهيئة... وهي ترجمت بصدق حسهم الوطني وإدراكهم الواعي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم. خاصّةً في مثل هكذا ظروف اقتصادية ومالية صعبة تعرفها الجزائر...

أيتها السيدات، أيها السادة،
اسمحوا لي أن أنتهز هذه السانحة لأقول أنّه بالرغم من ظرف الأزمة وشحّ المداخيل وقلة الموارد فإنّ الحكومة، تحت قيادة فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد وفقت في تقديم أحكام ناجعة لمعضلات اقتصادية ومالية صعبة تواجه البلاد، وهي بشجاعة التزمت بالاستمرار في نهجها الرامي إلى المحافظة على الطابع الاجتماعي في سياستها العامة وسعيها الثابت للحفاظ على وتيرة التنمية المأمولة.
صحيح أنّه تم إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2019 هذا على أساس تخطيط اقتصادي كلي تَوَخَّى الحذر في تحديد أوجه الصرف... ولكن هذا التخطيط حرصت الحكومة فيه أيضًا على عدم إدراج أية رُسومٍ أو ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطن.
وأكثر من ذلك فإن التحويلات الاجتماعية ستعرف بموجب تقديرات الميزانية نسبة تقارب الـ 21 % من إجمالي ميزانية الدولة وستوجه كلها نحو دعم الأسر، ومنح التقاعد وقطاع الصحة والسكن والتربية والتعليم.
وعمومًا، يمكن القول أن خيارات الحكومة من خلال اعتماد إجراءات حافظت في مضمونها على القدرة الشرائية للمواطن، وبنفس الوقت عملت على المحافظة على مستوى وتيرة التنمية، فإنها تكون قد وضعت صمامات أمان من شأنها أن تحافظ على الاستقرار الإجتماعي وتوفر من ثم على شروط مواجهة تبعات الأزمة... من خلال اقتراحها لصيغ تنمية واقعية وتصورات عملية لحلول المشاكل المطروحة... لتؤكد في نفس الوقت بذلك : أنّ الجزائر ليست عاطلة عن إنتاج الأفكار... وأبناؤها ليسوا عاجزين عن تقديم البدائل وإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة والأزمات العابرة... ولأن الجزائر تعوّدت في كل مرة على رفع التحدي وقهر الصعاب وتجاوز تبعات أوضاع الأزمات كلما وقعت...
وهي بفضل سياستها الرشيدة التي يبادر بها باستمرار فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبفضل جهد واجتهاد أبنائها المخلصين... في كل مرة كانت تخرج منتصرةً وقويةً مما يعتريها من أزمات وشدائد...
لهذا فإن الجزائر على الرغم من كل ما يُقال هنا وهناك وما يتردد بين الحين والآخر، فهي تسير في رواق مأمون اقتصاديًا... وها هو مشروع قانون المالية الذي صادقنا عليه منذ قليل يؤكد هذه الحقيقة حين يرسم معالم طريق واضح وسليم للبلاد... طريق يكفل السير العادي لنموها ويحدد الضوابط الاقتصادية العريضة لنهجها ويرسم الأسس الناجعة لمنظومتها المالية على مدار السنة، ويُثْبِت بنفس الوقت أن الجزائر بفضل مؤسساتها وبفضل أبنائها، وبفضل قيادتها الرشيدة، تتوفر اليوم على كافة شروط تخطي الصعاب ومعالجة آثار الأزمة في هدوء، يؤمن لها الخروج من تبعاتها بأقل تكلفة، والتوق إلى تحقيق مزيدٍ من التنمية وتوفير حظوظ أكبر لشعبها للعيش في طمأنينة...

أيتها السيدات، أيها السادة،
يُعتبر مشروع قانون المالية لسنة 2019 هذا آخر قانون مالية يصادق عليه مجلس الأمة في عهدته التشريعية الحالية، حيثُ سيكون المجلس على موعد للتجديد النِّصفي لتشكيلته مع نهاية السنة الحالية وبداية السنة القادمة، تنفيذًا لأحكام النصوص الناظمة لسيره، وفي مقدمتها الدستور. 
بودي، زميلاتي زملائي، وقد أنهينا إجراءات المصادقة على قانون المالية لسنة 2019 أن أنتهز السانحة لأُسدي جزيل الشكر وكبير العرفان إلى كلِّ الزميلات والزملاء الذين عملنا مع بعض منهم طيلة ست (6) سنوات كاملة من العهدة البرلمانية، تحت سقف هذه الهيئة، وأقصد بهم أولئك الذين ستنتهي عهدتُهم، لأُنوهَ بجهودهم وإسهاماتهم القَيِّمة في الإتيان بالواجب، وتأدية المهمة ضمن هذه الهيئة التي باعتزاز انتسبوا إليها طيلة الفترة وعملوا بإخلاص على تعزيز مكانتها.
كما أتمنى للزميلات والزملاء الذين تستمر عهدتهم ضمن الهيئة، كل التوفيق في مواصلة المهام المناطة بهم، في كنف احترام النصوص الناظمة لسير وعمل هيئتنا، والتعاون والتنسيق مع الذين سيلتحقون بمجلس الأمة بعنوان التجديد النِّصفي لتشكيلة المجلس المُقرر مع نهاية العام الحالي...
وهنا أستحضر كذلك كل الزملاء والإخوان الذين غيّبهم الموتُ عنّا وإلى الأبد خلال الفترة التشريعية الجارية، فأتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم برحمته الواسعة وأن يسكنهم فسيح جناته... إنه سميع مجيب... 
كما لا يفوتني وقد أصدر فخامة رئيس الجمهورية مرسوم استدعاء الهيئة الانتخابية لتجديد نصف عدد أعضائها المنتخبين على مستوى ولايات الجمهورية، أن أتوجه إلى كافّة المشاركين والفاعلين في هذه العملية : إدارةً عمومية ومنتخبين وناخبين، بأن يجعلوا من ذلك اليوم عرسًا ديمقراطيًا محليًّا، تُميِّزُه المنافسة الشريفة بالبرامج والأفكار... والاحتكام فيها إلى الصندوق واحترام النصوص الناظمة للعملية، تكريسًا لاستحقاقٍ نريده شفّافًا ونزيهًا بين أعضاء المجالس البلدية والولائية عبر الوطن، وترقيةً للفعل الديمقراطي والأداء السياسي التعددي في بلادنا...

شكرًا لكم على كرم الإصغاء،
والسّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte