عملاً بأحكام المادة 151 (الفقرة 2) من الدستور والمادة 26 من القانون العُضوي رقم 16-12 المؤرخ في 25 أوت 2016، الذي يُحدِّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعَمَلَهُمَا، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة؛ والمادتين 48 و49 من النظام الداخلي لمجلس الأمة، نظمت لجنة التجهيز والتنمية المحلية للمجلس، هذا الإثنين 05 نوفمبر 2018، بمقر المجلس، جلسة استماع للسيد حسين نسيب، وزير الموارد المائية، حول موضوع "الاستراتيجية الوطنية لتسيير الموارد المائية : واقع وآفاق"، بحضور السيد محجوب بدَّة، وزير العلاقات مع البرلمان.
أبرز السيد عبد القادر مولخلوة، رئيس اللجنة، في كلمته الترحيبية والتقديمية أنّ الجزائر كباقي بلدان العالم تشكو ندرة المياه وقلتها وعدم انتظام توزيعها، ولمواجهة هذه المشكلة تبنت الجزائر في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، إستراتيجية وطنية للنهوض بقطاع الموارد المائية ولبلوغ المعايير الدولية المعتمدة في هذا القطاع من أجل تحقيق أهداف الألفية للتنمية التي وضعتها الأمم المتحدة فيما يتعلق بالتزويد بالماء الشروب والتطهير لعام 2015.
وفي عرضه أمام اللجنة، أشار السيد حسين نسيب، وزير الموارد المائية ان موضوع الجلسة اليوم يُعَد واحد من التحديات الكبرى التي تواجه الجزائر على المدى القريب، المتوسط والبعيد.
كما أكد أنه حسب المعايير الدولية تعد الجزائر بلدا يعاني من الندرة المائية حيث لم يفق معدل استهلاك المواطن للماء عتبة 600م3 سنويا في حين تحدد العتبة دوليا بـ 1000م3 لكل مواطن سنويا.
وأوضح أن الجزائر تتوفر على 18 مليار م3 كقدرات مائية منها 5 مليار م3 مياه جوفية في الجنوب، 2.5مليار م3 لتعبئة المياه الجوفية في الشمال والهضاب العليا و10.5 مليار م3 سيلان للمياه السطحية منها 0.5 مليار م3 بالجنوب.
يضاف إلى ذلك تواجد غير متوازن للموارد المائية بين جهة وأخرى من التراب الوطني وتقلبات مناخية عميقة وتزايد متسارع ومستمر في الطلب على المياه،
فكل هذه المعطيات أدت إلى إعداد وتنفيد السياسة الوطنية في مجال الموارد المائية وهي تهدف إلى اِستغلال القدرات المائية الوطنية والحفاظ عليها وضمان ديمومتها للأجيال القادمة.
وأضاف أن فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة كان أول المدركين لأهمية الملف المائي وطابعه الاِسْترَاتِيجِي حَيْثُ قَرَّرَ في سَنَةْ 2000 إِنْشَاءَ دَائِرَة وِزَارِيَة مُتَخَصِّصَة وَجَعَلَ مِنَ المِيَاهْ أَوْلَوِيَة وَطَنِيَة فِي كُلٍ مِنْ مَجَالَاتْ التَشْرِيعْ وَالتَنْظِيمْ وَالمِيزَانِيَة حَيْثُ كَانَ آخِرُ تَعْدِيلْ دُسْتُورِي تَتْوِيجًا لِهَذَا المَسَارْ بِتَعْرِيفْ المِيَاهْ كَمِلْكِيَةٍ لِلْمَجْمُوعَة الوَطَنِيَة وإلزام الدَوْلَة بِالحِفَاظْ عَلَى المُلْكِ العُمُومِي لِلْمِيَاهْ.
وَفي هذا الصدد أشار إلى أن الجزائر صَادَقَتْ عَلَى المُخَطَّطْ الوَطَنِي لِلْمِيَاهْ وَهُوَ أَدَاةُ تَخْطِيطٍ وَاِسْتِشْرَافْ حَتَى آفَاقْ سَنَةْ 2035، تَحْتَوِي عَلَى جُمْلَةٍ مِنَ العَمَلِيَاتْ وَآلِيَاتْ التَقْيِيمْ وَالتَصْحِيحْ تَهْدِفُ كُلُّهَا إِلَى ضَمَانِ وَفْرَةِ المَوْرِدِ المَائِي مَعَ الحِرْصِ عَلَى اِسْتِغْلَالٍ مُسْتَدِيمْ وَاِقْتِصَادٍ فِعْلِي لِلمَاءِ.
وأوضح السيد الوزير أَنَّ رِهَانَاتْ المَرْحَلَة المُقْبِلَة تَتَلَخَّصُ فِي المَهَامْ التَالِيَة:
- زِيَادَةْ حَشْد المَوَارِدْ المَائِيَة التَقْلِيدِيَة وَ الغَيْر تَقْلِيدِيَة.
- تَطْوِيرْ وَإِعَادَةْ تَأْهِيلْ مُنْشَآتْ المُعَالَجَة وَالجَرْ وَالتَوْزِيعْ.
- تَحْسِينْ مُؤَشِرَاتْ التَسْيِيرْ وَ مُسْتَوَى الخِدْمَة العُمُومِيَة لِلمِيَاهْ.
- اِعْدَادْ وَتَنْفِيذَ سِيَاسَة نَاجِعَة لِاِقْتِصَادْ المَاءْ.
- ضَمَانْ صِيَانَةْ المُنْشَآتْ المَائِيَة.
- توسيع المساحات المسقية بهدف تامين الامن الغذائي.
نَاهِيكَ عَنْ الأَحْكَامْ الوَارِدَة فِي القَانُونْ 05-12 المُتَعَلِّقْ بِالمِيَاهْ وَنُصُوصِهِ التَطْبِيقِيَة الَّتِي أَرْسَتْ مَرْجَعًا تَشْرِيعِيًا وَتَنْظِيمِيًا لتسيير واستغلال المَوَارِدْ المَائِيَة فِي بِلَادِنَا.
كما أوضح حسين نسيب أن عدد السدود في بلادنا اليوم 80 سدا بسعة 8.6 مليار م3، 36مِنْهَا أُنْجِزَتْ مُنْذُ 1999 ،سمحت بزيادة 5.4 مليار م3 في قدرات التخزين اي بنسبة فاقت 250 % ويوجد حاليا خمس سدود في طور الانجاز ، ينتظر استلامها من الآن إلى سنة 2021 لِتَصِلَ القُدُرَاتُ الوَطَنِيَة لِتَخْزِينْ المَوَارِدْ السَطْحِيَة إِلَى مَا يُقَارِبُ 9 ملْيَارْ م3، فضلا عن مشاريع أخرى سيتم إطلاقها لاحقا.وسيترافق إنجاز هذه المشاريع مع عملية تطهير السدود القديمة من الاوحال.
وفي نفس السياق أشار إلى أنه منذ سَنَةْ 2000 تم اِنْجَازُ ستة أَنْظِمَة تَحْوِيلْ كُبْرَى بطول 2.550 كم و تتمثل في تحويل عين صالح- تمنراست ، تحويل بني هارون، تحويل تاقصبت ، تحويل كدية أسردون ، تحويل مستغانم-أرزيو-وهران و تحويل الشَّطْ الغَرْبِي.
أما فيما يخص المياه الجوفية أوضح أنه سُجِّلُ حاليا مَا يَفُوقْ 250.000 بئر مما يسمح بتوفير أكثر من 6 ملايير م3 سنويا ما يمثل64% مِنْ الاِنْتَاجْ الوَطَنِي مقابل 120.000 بئر في سنة 2000.
وفي إطار استراتيجية القطاع الرامية إلى تنويع مصادر المياه سمح البرنامج الوطني لتحلية مياه البحر من إنجاز 11 محطة لتحلية مياه البحر توفر 17% من الانتاج الوطني للماء الشروب، على أن تصل النسبة إلى 25 %عند إستلام المحطات الأربعة التي تقرر إنجازها.
فيما يخص التزويد بِالمَاءْ الشَرُوبْ، أوضح السيد الوزير أن نسبة 98% مِنَ السَاكِنَة مَوْصُولَة بِشَبَكَاتْ التوزيع ، الَّتِي تَزَايَدَ طُولُهَا مِنْ 50.000 كم فِي سَنَة 2000 إِلَى أَكْثَرَ مِنْ 127.000 كم حَالِيًا، بِحصَّة يومية للْفرد تَبْلُغُ 180 لِتْرًا وَتَوْزيع يَوْمِي لِفَائِدَةْ 78% مِنَ المُوَاطِنِينْ (40% عَلَى مَدَارْ السَاعَة).
أما بالنسبة للصَرْفِ الصِحِي، فإن 91% مِنَ السَاكِنَة مَوْصُولَة بشَبَكَاتْ التطهير ، وَتَصِلُ قُدْرَةُ مُعَالَجَةْ المِيَاهْ القَذِرَة إِلَى 941 مليون م3 فِي السَّنَة بِفَضْلِ اِسْتِغْلَالْ 191 مَحَطَّةْ تَطْهِيرْ، 166 مِنْهَا أُنْجِزَتْ مُنْذُ سَنَةْ 1999. ويساهم هذا فِي الحِفَاظْ عَلَى البِيئَة وصحة المواطن وَيُوَفِّرُ مَوَارِدْ إضافية يُمْكُنُ إِعَادَةُ اِسْتِخْدَامِهَا فِي الأَنْشِطَة الزِرَاعِيَة وَالصِنَاعِيَة وَالخَدَمَاتِيَة بمعدل 400 مليون م3 في السنة.
وفي نفس السياق أكد السيد الوزير أن مياه الحنفيات صحية وآمنة. كما أن الشروط التي وضعها القطاع فيما يتعلق بخصائصها الفيزيائية والكيميائية والمكروبيولوجية صارمة من حيث المعايير القانونية والتنظيمية السارية لمراقبة ومتابعة نوعية المياه. وأوضح أن القطاع يتوفر على اكثر من 198 مخبر لتحاليل المياه عبر التراب الوطني- تسند لهم مهمة المراقبة- وهي تابعة للجزائرية للمياه و لشركات SEAAL-SEOR-SEACO- زيادة على الوكالة الوطنية للموارد المائية .ANRH
وأشار الوزير على وجه الخصوص إلى مشاريع تحويل سد موان نحو سطيف تحويل سد أركيس نحو ام البواقي وتحويل الشط الغربي ولايات النعامة نحو جنوب تلمسان وسيدي بلعباس وكذا تحويل سد تيشي حاف إلى بلديات شمال ولاية برج بوعريريج.
واوضح السيد نسيب بأن المواطنون سيلاحظون تحسنا ملحوظا- قبل نهاية سنة 2018- في الخدمة العمومية للماء الشروب والتي عرفت تذبذبا خلال صائفة 2017.
وتأتي هذه التطمينات بالنظر للمشاريع المبرمجة لتدعيم شبكة التوزيع في قطاع الموارد المائية إلى جانب المشاريع التَنْمَوِيَة الجاري إنجازها والبرنامج الاستعجالي الذي تم رصده بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، حيث يتوقع بلوغ نسبه تغطية 80 % من المواطنين بالتزويد اليومي (50 % عَلَى مَدَارْ السَاعَة).
وبخصوص المشاريع المبرمجة لسنة 2019، سيتم استلام مشاريع هامة اخرى أهمها:
-انجاز 3 سدود كبيرة بقدرة حشد 179 مليون م3، بولايات سوق اهراس ، الطارف و باتنة.
-إعادة تهيئة شبكات الماء الصالح للشرب ل20 مدينة.
-انجاز 03 محطات لمعالجة المياه على مستوى سدود اركيس، تشي حاف و محوان.
-تحويل المياه من بني ونيف الى مدينة بشار.
-إعادة تأهيل 03 محطات لمعالجة المياه في كل من سكيكدة ، ميلة و مدية.
عقب مداخلة السيد الوزير، فُسِحَ المجال أمام أعضاء لجنة التجهيز والتنمية المحلية، المُوَسّعَة إلى أعضاء آخرين في مجلس الأمة، للتعبير عن انشغالاتهم وطرح تساؤلاتهم حول الموضوع، وذلك بالتطرق إلى مختلف المسائل المتعلِّقة بقطاع الموارد المائية في بلادنا.
وقد أثنى أغلبية الأعضاء المتدخلين على المجهودات المبذولة من طرف الدولة في هذا القطاع، كما إستفسروا حول المسائل الهامة كعصرنة القطاع، وصيانة السدود وتمكين المواطن من تزويده بكميات كبيرة من مياه الشروب، والتكفل بحل مشكل الانقطاعات المتكررة للمياه خاصة في مناطق الهضاب العليا، وكذا استغلال الحواجز المائية ورفع التجميد عن المشاريع الكبرى .
ولفت الأعضاء الانتباه إلى ضرورة صيانة شبكات المياه، والتي غالبًا ما تتسبب في تسرب كميات كبيرة من الماء.
كما تطرق الأعضاء إلى المشاريع التي تمّ الشروع في إنجازها ولم تُسلم بعد، ملحين على ضرورة إيلاء العناية الكاملة للدراسات والحرص على احترام آجال الإنجاز وضمان النوعية لتفادي إعادة تقييم المشاريع.
هذا، وركّز الأعضاء في تدخلاتهم واستفساراتهم أيضًا على ضرورة مواصلة مجهود الدولة في توسيع وعصرنة القطاع.
وقد تكفّل السيد وزير الموارد المائية، بتقديم مزيد التوضيحات والشروحات في ردِّه على ما تمّ التعبير عنه.