إلى عائلة المرحوم
المجاهد عمار بن عودة
الله أكبر.. ها هو واحد من تلك الصفوة التاريخية، ومن الرواد الأوَّل لثورة نوفمبر الخالدة يلتحق برفاقه الشهداء والمجاهدين.. إننا نودع في هذا اليوم الأليم الحزين المجاهد مصطفى بن عودة المدعو عمار إلى مثواه مُسجًى بالشرف العظيم، شرف نخبة من الرجال الوطنيين الكبار الذين شكلوا في خمسينيات القرن الماضي النواة الذهبية الصلبة لاندلاع الكفاح المسلح عندما أصدرت مجموعة 22، وهو منهم، بيان أول نوفمبر.. وإن كانت الكلمات تظل قاصرة عن إيفاء مثل هؤلاء الرجال ما يستحقون من إجلال وتقدير نظير بلائهم وتضحياتهم الوطنية، فإن التاريخ سيحتفظ بأسمائهم منارات ومعالم ترسم الأجيال على هديِّها الخطوات نحو المستقبل، بلى إن المغفور له أخانا المجاهد عمار بن عودة من معدن جيل الطليعة.. ومن طينة رجال الصف الأول، نشأ متشبعًا بذلك الرصيد الوطني المنبثق من نضالات الحركة الوطنية الذي توجته ثورة نوفمبر المظفرة.. وواصل سيره على نهجها في مختلف المهام والمسؤوليات التي أُوكلت إليه، وكان طيلة حياته كتابًا ومرجعًا مفتوحًا لأحداث ووقائع، وثَّق لها في العديد من المناسبات، فسجل شهاداته التاريخية في محاضراتٍ.. ولقاءات وأحاديث إعلامية، وظلَّ إلى آخر أيامه مقصدًا للباحثين في الحركة الوطنية وتاريخ ثورة التحرير المجيدة.. ولكم هي الخسارة فادحة أن نفتقد خزانًا من الذكريات والشهادات النادرة.
إن أديم الجزائر سيحتضن باعتزاز جثمان المجاهد الفذ عمار بن عودة.. وستذكره أجيالها المتعاقبة وتفاخر به - رحمة الله عليه - وبأقرانه المجاهدين والشهداء الذين وهبوا الوطن أنفسهم.. فوهبهم الله تعالى العزة والسؤدد.
وإنني أمام هذا الخطب الأليم أتوجه إليكم أنتم عائلة الفقيد وإلى إخواني المجاهدين بأخلص وأحر التعازي، داعيًا المولى عز وجل أن يتقبل المرحوم مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. وأن يجعل مثواه الجنة الموعودة ويلهمكم جميل الصبر والثبات.
"إنا لله وإنا إليه راجعون"
عبد القادر بن صالح